هرب حبيبك واختفى من حياتك بدون مبرر مقنع وبدون جدال، أو كلمة شافية. تركك هكذا بدون سابق إنذار أو تأثر.

البحث عن الحب

كتبتها لكم ليلى سليم

تلقيت رسالة تحكي لي صاحبتها عن أسوء شعور قد يشعر به الناس "الشعور بالطعن في الظهر وعدم الاحترام". الحكاية بأختصار أقامت سارة حفلة عيد ميلاد أبنتها كارما. كانت العائلات مجتمعة. وشكل العلاقة بين سارة وزوجها وثيقة جدا. الاطفال كلهم في الغرفة، والمقربون يهنئون الزوجين السعيدين. كل شئ جميل والعائلة شابة ومثالية.
وفي اليوم التالي -الحفلة انتهت- ذهب الزوج إلى عمله ولم يعد إلى المنزل رحل وأرسل ورقة طلاق إلى زوجته، وحتى الآن لا نعرف السبب الحقيقي وراء رحيله.    

هذا التصرف المدمر يعتبر صفعة على وجهها. فقد أخفى عنها رحيلة وخططه للمستقبل. لأنه وضع العدة والحجج الازمة وخطط منذ فترة للهروب من هذه العلاقة بينه وبين نفسه، وتركها تتسأل هل رحل بسبب خطأ هي أرتكبته ؟ أم أنها غير جديرة بحبه وحنانه؟. [ٍأقرأ: العودة ألى زوجك السابق]


عدم الثقة بالنفس

هناك ألآف من الناس يتعرضون للهجر غير المبرر يوميًا. كم من زوج وزوجة أنفصلا ولا نعرف السبب الحقيقي وراء الأنفصال. قد يكون السبب المعلن والظاهري هي تدخلات الأهل أو عدم الرضا عن الشريك، أو تفضيل شخص آخر. 

لكن الحقيقة أن السبب الرئيسي مختفي غير معلوم. بدليل سلوكيات مثل الشكوى والتذمر والصياح والقلق كلها نداءات تطلب الحب، وعلامة على أن أحد الطرفين مازال يتألم، ويعيش في دوامة التفكير والأحساس بالغدر.

الناس المتضررين، المهجرين، يتعرضون إلى آذى وألم بالغ بعد إنتهاء العلاقة بهذا الشكل السلبي، والشعور بعدم التقدير والرفض يكون في أوجه حالاته. ومهما طالت الفترة أو قصرت الألم يصبح عميقًا حتى بعد علاقة قصيرة لم تتجاوز لقائين أو ثلاثة.

لماذا يختار الحبيب البعد؟

الرجل - المرأة على حد سواء يفعلون مثل هذه التصرفات وعادة ما يكون العقل غير راضٍ عن ما يفعلونه. لكنهم يفضلون الهروب وتجنب المواجهة، وإلقاء اللوم على الآخرين، ويختارون الصمت لتجنب الاحتكاك. فهم لا يستطعون التعبير عن أنفسهم وعواطفهم، وعندما لا يعرفون ماذا يفعلون، يفضلون تلوين الحقيقة ووضع أسباب ضعيفة ووهمية وأستغلال أول فرصة للهروب والإبتعاد

عندما تواجه تعلم أشياء غير لطيفة أبدا عن نفسك،  فيفضل هؤلاء الناس حماية أنفسهم بالصمت، وتجنب الصراعات والاتصالات. [أقرأ: غير مرتبطة]  
 

هناك أشخاص محترمون نادرون لم يخافوا. وتحدثوا مع بعض قبل الأنفصال  وأنتهت العلاقة بشكل لائق. وللأسف، هم قلة قليلة.

فعندما تنتهي العلاقة وأنت تفهم دوافع الطرف الأخر، وعندما تحصل على سبب شافي للبعد. طبيعي أن تذهب إلى بعض الأصدقاء وتنفس عن نفسك وعن خسارتك. بعدها تمضي في حياتك وأنت لا تحمل أي ضغينة وراضٍ عن نفسك ومع الوقت تتخلص من كسرة القلب

ولأننا لم نجد هذا التقدير عند الانفصال، يضيع عمرنا ونفقد اهتمامنا بالحياة ونأخذ وقت طويل لفهم ما حدث لنا. وما أسبابه، ونلوم أنفسنا طوال الوقت، ونرجع السبب إلى نقص في شكلنا أو وضعنا الإجتماعي أو شخصيتنا، ويبقى داخلنا السؤال الملح "هل فعلت شيئا خاطئا؟". [أقرأ: كيف تجعلي رجل كسر قلبك يشعر بالذنب]

قطع العلاقة بدون توضيح،  يجعلنا نفقد الثقة بأنفسنا ويفقدنا الأمل في تكوين علاقة جديدة، وتشتت قدرتنا في الحكم على الأشخاص، ويجعلنا نخاف من فكرة الارتباط، والأحساس أننا لا نحسن اللياقة والكياسة وحسن التصرف. وبالتالي لا نستحق الحب والتقدير، ولا يليقك بنا الغرام والسعادة.

بعد شعورك بعدم الاحترام يأتي عدم اليقين.

أنت تتساءل ماذا فعلت خطأ. تقرأ هذه الرسائل مرارًا وتكرارًا لترى أين ذهبت الأمور وتعيد التفكير في التفاصيل. ربما يمكنك التحقق من وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ما إذا كان هذا الشخص حي يرزق.

نحن نقرأ أخبارهم وتعليقاتهم ونقرأها أكثر من اللازم ونحللها. لذلك، نقول لأنفسنا أنهم مشغولون فقط أو فقدوا هواتفهم أو حذفوا رقمنا بطريق الخطأ. لأننا نأمل أنهم مازالوا يفكرون بنا وأننا موجودين في عقلهم الباطن ونشغل أحلامهم. 

وهذا يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس.

قصة حب

نتردد كلما بدأنا التحدث مع شخص جديد، نتساءل متى سيختفوا من حياتنا هل سيكون في أسبوع؟ شهر؟ هل سنلتقي بشخص يتمسك بنا ويحافظ علينا ويصبر على شكوكنا؟.

وهذا الشعور يتولد داخلنا بشكل طبيعي فنحن نشك بدوافع كل شخص يتقرب منا ويحبنا، وقد نصل إلى مرحلة الإيمان بعدم وجود الحب بين الناس. وأن كل ما يحكى لنا عن الحب مجرد قصص خيالية وغير موجودة.

إن التعرض للهجر يترك علامة عليك. فلا توجد شفرة تفكها أو علامات تعرف بها من الذي سيهجرك ومن سيبقى معك في المستقبل. وتفضل أن تبني  بنفسك حائطًا بحيث لا تتأذى من أي شخص آخر في المستقبل. أنت تفقد الثقة لأنك طعنت مرة وتمزق قلبك. وأصبح هدفك في الحياة هو التقاط القطع الممزقة منك بنفسك وبدون مساعدة من أحد. وتخاف الارتباط العاطفي وتفضل الوحدة حتى لا تتمزق من جديد.

نحن لا نفقد الثقة بالآخرين بل في أنفسنا. نحن نفقد الثقة في حكمنا ورشدنا. نحن ننتظر الهروب والرحيل بدل من توقع الحب. [أقرأ: فن التجاهل] 

البحث عن الحب

أنا اعرف أني غير قادرة على إزالة ألمك الناجم عن الهجر، لكن يمكنني أن أذكرك بأن أي شخص هجرك وأبتعد عنك لا يستحق وقتك أو اهتمامك أو دموعك أو حتى أفكارك.

يكفي أن أقول لك أنه جبان. هل تريد أن تكون مع إنسان جبان؟ أكيد لا. 


لا يوجد عذر منطقي أو قابل للتفسير أو مقبول للهجر بدون مبرر حقيقي. ولكن، إذا كنت تبحث عن ما يجب فعله عندما تتعرض للهجر، فأوصيك بتذكير نفسك بهذه الحقائق.

# أي شخص هجرك هو جبان.

# أي شخص هجرك يخاف من المواجهة.

# أي شخص هجرك  ضعيف.

# أي شخص هجرك غير محترم.

# أي شخص هجرك يستحق قساوتك، وعدم إحترامك له.

# أي شخص هجرك غير ناضج ومازال طفل صغير.

# أي شخص هجرك مغرور يعتبر وقته وحياته أكثر قيمة منك.

# أي شخص هجرك لا يهتم بك أو بمشاعرك.

# الشخص الذي هجرك مليء بالعيوب. وأنت أعطيته أكثر مما يستحق.

# لا تضحي بنفسك بسبب علاقة فاشلة ولا تدع الحياة تهرب منك. 

الحب هو المفتاح الذي يفتح جميع الأبواب

أنتهز هذه المقالة ولا تجعل الحب يختفي من حياتك. فالحب هدف كل شخص، وأنت تستحق شخص يحبك ويعشقك ويحترمك ويرعاك ويتمناك ويحتاجك ويبجلك ويقدسك ويوقرك ويعتز بك.